العديد من الدول العربية لديها قوانين متحررة في ما يخص الإجهاض
تكتسي قضية إجهاض الجنين الذي تثبت التحاليل الطبية والتقنيات الحديثة تشوهه تحفظات أخلاقية واجتماعية ودينية في مختلف المجتمعات وخاصة منها العربية التي تركز في حظر الإجهاض على الجوانب الشرعية والاجتماعية، مقابل إهمال الجانب الصحي الذي يهدد حياة الأم، حيث أن المفاضلة بين حياة الأم وعملية الإجهاض لا تتم غالبا في الأسر المتشددة ترفض الإجهاض حتى وإن كانت حياة الأم مهددة.
تحظر العديد من الدول الإجهاض بناء على تشخيص ما قبل الولادة بالإصابة بتشوهات، وتمنع أي عملية إجهاض تتعلق بوجود تشوهات علاوة على إنهاء الحمل بسبب العرق أو النوع أو الأصل.
وتثير مسألة إجهاض الجنين المشوه جدلا واسعا لا في الدول الإسلامية فحسب بل في مختلف دول العالم، وأكد مختصون أن حالات إجهاض الحمل يحكمها شقان، شق ديني وشق طبي، مؤكدين أن بعض الأجنة التي يحدث لها تشوه يمكن لها الاستمرار في الحياة كالطفل المصاب بمتلازمة داون، الذي يحدث له خلل في كروموزوم 21، وتكون قدراته العقلية محدودة جدا ولكن يمكن له أن يعيش حتى عمر الـ30 عاما أو الـ50 عاما ولكن بإعاقة ذهنية مستدامة، يرى البعض أنها تعرض الطفل والأسرة إلى متاعب مادية ومعنوية خاصة إذا كان الطفل ينتمي إلى أسرة فقيرة.
وفي الدول الإسلامية اتفقت آراء طبية وشرعية على التحذير من إجهاض الأجنة التي تثبت إصابتها بتشوهات خلقية باستثناء التي تتأكد حتمية وفاتها أثناء الحمل أو بعد الولادة. كما أجمعوا على جواز إجهاض الجنين إذا كان يشكل خطرا على حياة الأم وإن كان سليما.
وأكد الدكتور أمين بن حسين الأميري وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لسياسات الصحة العامة والتراخيص في دبي أن إجهاض المرأة الحامل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة في حال مرور 120 يوما على الحمل.
وأشار في تصريحات صحافية إلى أن قانون المسؤولية الطبية أكد أنه لا يجوز للطبيب أن يجري أي عملية إجهاض أو يصف أي شيء من شأنه إجهاض حامل إلا في حالتين: إذا كان استمرار الحمل يشكل خطرا على حياة الحامل، بمعنى ألا تكون هناك وسيلة أخرى لإنقاذ حياة الحامل غير الإجهاض. وأن يتم الإجهاض بمعرفة طبيب مختص في أمراض النساء والولادة وموافقة الطبيب المعالج للحالة المرضية المبررة للإجهاض.
الإجهاض يعتبر حقا قانونيا ومكفولا في معظم دول الاتحاد الأوروبي، على رأسها أسبانيا وهولندا وسويسرا وإيطاليا
وقال الدكتور الأميري “إن مجمعي الإفتاء في المملكة العربية السعودية وفي دبي أجازا إجهاض الجنين إذا لم يكن قد مر على الحمل 120 يوما شريطة أن يكون ذلك بناء على طلب كتابي من الطرفين وأن يثبت التشوه بتقرير لجنة طبية مؤلفة من ثلاثة استشاريين في تخصص
أمراض النساء والولادة والأطفال والأشعة، وأن يكون تقرير اللجنة مبنيا على الفحوص الطبية باستخدام التقنيات المتعارف عليها علميا. وأن يكون الجنين مشوها تشوها خطيرا غير قابل للعلاج بحيث يؤدي، إن ولد حيا، إلى أن تكون حياته سيئة وتسبب آلاما له ولأهله. أما في حال تجاوزت مدة الحمل 120 يوما فلا يجوز إجهاض الجنين تحت أي مبرر”.
ومن جهة أخرى أكدت دار الإفتاء في مصر أن الإجهاض عموما هو فعل محرم شرعا، إلا إذا كان هناك سبب طبي يجعل من هذا الحمل خطرا مباشرا على حياة الأم الحامل.
وأباحت في رد على دعوة الأمم المتحدة للدول إلى فتح باب الإجهاض في حالة إصابة الأم بفيروس “زيكا”، الذي يصيب الأجنة بتشوهات، بجواز أن يتم إجهاض المرأة الحامل لو ثبتت إصابتها بهذا الفيروس، في حالة واحدة فقط وهي أن يكون عمر الجنين داخل رحم الأم أقل من 120 يوما، وبالتالي يجوز شرعا أن يتم إجهاض الأم ومساعدتها في التخلص من جنينها. أما في حالة بلوغ الجنين 120 يوما، فلا يجوز إجهاض الأم، وبذلك يجوز الإجهاض إذا أثبت الأطباء أن هناك خطرا على حياة الأم، و لذلك يتم الدفع بأخف الضررين وتقدم دائما حياة الأم على حياة الجنين.
كما أصدر البابا فرنسيس في وقت سابق أشد إدانة للإجهاض ووصفه بالعرض “المروع لثقافة التخلص من الأشياء غير المرغوب فيها” التي لا تلقي بالا بحياة البشر. وقال إنه من “المثير للفزع” التفكير في إنهاء الحمل في مراحله الأولى، إنه “من المروع أن هناك أطفالا ضحايا للإجهاض، لن يكتب لهم أن يروا الحياة”.
وأضاف “مع الأسف ما يرمى ليس الطعام والأشياء التي يمكن استبدالها فقط، ولكن البشر أنفسهم، الذين يقع التخلص منهم على أنهم غير ضروريين”.
مصر من أشد دول العالم تقييدا بحق الإجهاض، إذ لا يبيح القانون المصري الإجهاض ﻷي سبب كان، ولا يسمح للناجيات من الاغتصاب واغتصاب المحارم بالحصول على حقهن في التخلص من الحمل غير المرغوب فيه
ومن جانبها دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وتحالف ريسرج النسوي، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للإجهاض الآمن، المشّرع المصري إلى تعديل مواد القانون الخاصة بالإجهاض لضمان حق النساء في الوصول إلى “إجهاض آمن”. وطالبت المنظمتان في بيان مشترك بالسماح للنساء بالإجهاض الآمن في حالات وجود خطر على حياة أو صحة المرأة إذا استمر الحمل أو كان الحمل ناتجا عن اغتصاب.
وأوضحتا أن “مصر من أشد دول العالم تقييدا بحق الإجهاض، إذ لا يبيح القانون المصري الإجهاض ﻷي سبب كان، ولا يسمح للناجيات من الاغتصاب واغتصاب المحارم بالحصول على حقهن في التخلص من الحمل غير المرغوب فيه، كما يعاقب القانون النساء اللاتي يلجأن إلى الإجهاض بالسجن”.
ويعتبر الإجهاض حقا قانونيا ومكفولا في معظم دول الاتحاد الأوروبي، على رأسها أسبانيا وهولندا وسويسرا وإيطاليا، فيما أن أيرلندا وبولندا لديهما قوانين مقيدة للإجهاض، وحددته ألمانيا في 4 حالات تمثلت في: الحمل غير المرغوب فيه والحمل الناتج عن اغتصاب والإجهاض لأسباب صحية، والحمل الحاصل عند الفتيات ما دون الـ18 عاما.
كما أن العديد من الدول العربية لديها قوانين تعتبر متحررة في ما يخص الإجهاض، حيث تبيحه الجزائر في حالة كونه يشكل خطورة على حياة المرأة أو صحتها الجسدية، بينما يبيح السودان الإجهاض إذا جاء الحمل نتيجة اغتصاب، في حين تبيح تونس الإجهاض لأسباب كثيرة من ضمنها الحفاظ على صحة الأم النفسية.
المصدر: العرب